الفساد والمحاسبة- أسباب التقدم والتخلف في الأمم
المؤلف: محمد أحمد الحساني08.16.2025

عندما كان إسحاق شامير يتبوأ منصب رئيس وزراء الكيان الصهيوني، لفت انتباه صحفية إسرائيلية أن زوجته المُسِنَّة تتزين بساعة يابانية فاخرة وجديدة. بادرت الصحفية بسؤالها عن هذه الساعة الأنيقة، وعن المتجر الذي ابتاعتها منه. فهمت الصحفية من رد السيدة العجوز بأن الساعة كانت هبة قيّمة من شركة يابانية مرموقة. ما كان من الصحفية إلا أن نشرت تفاصيل هذه المحادثة. فاندلعت على إثر ذلك ضجة عارمة في وسائل الإعلام والمجتمع الصهيوني، معبّرة عن استياء شديد حيال ما اعتبروه فسادًا من السيدة الأولى. تصاعدت وتيرة الانتقادات والضغوط، ممّا أجبر شامير في نهاية المطاف على تقديم استقالته من منصبه الرفيع، وذلك تحت وطأة الحملة الإعلامية الضارية.
إن طرح سؤال مماثل على زوجة أحد زعماء العالم الثالث يعتبر ضربًا من الخيال، فالإعلام في هذه الدول يدرك تمام الإدراك أن هؤلاء الزوجات ينهلن من معين الثراء الفاحش دون حسيب أو رقيب، وأن مصير من يجرؤ على توجيه مثل هذا السؤال سيكون وخيمًا ومحسومًا سلفًا!
واتُهم إيهود أولمرت، وهو رئيس وزراء صهيوني آخر، باستغلال تبرعات سخية من أفراد ومؤسسات لتمويل حملته الانتخابية. المبلغ المُتَبَرَّع به – كما ورد في التقارير آنذاك – كان أقل من مليون دولار أمريكي. وهو مبلغ زهيد قد يتمكن أي مراقب عقاري طموح، يتمتع بضمير واسع، من جمعه بسهولة في إحدى دول العالم الثالث، دون أن يخشى أدنى محاسبة أو عقاب. وسرعان ما يتحول هذا المراقب، في غضون سنوات معدودة من عمله، إلى صاحب عمارات شاهقة وأعمال تجارية واسعة، على الرغم من أن راتبه الشهري الضئيل لا يكفي حتى لتغطية تكاليف استئجار شقة صغيرة ومتطلبات الحياة الأسرية. ومع ذلك، وجد أولمرت نفسه مُبعدًا عن السلطة بعد حملة شعواء انتقدت بشدة استخدامه للأموال المُتَبَرَّع بها لدعم طموحاته السياسية وحملته الانتخابية.
عندما يتأمل المرء هذه المساءلات الجدية التي يتعرض لها المسؤولون في الدول التي لا تتهاون مطلقًا في تطبيق القانون على الجميع، سواء كانوا كبارًا أو صغارًا، يتبادر إلى الذهن سؤال جوهري: هل كانت المحاسبة الصارمة للفاسدين، والقضاء على بؤر الفساد في مهدها، ومعاقبة المتورطين فيه مهما علت مراتبهم الإدارية أو السياسية، هي السر وراء ازدهار هذه الدول وتقدمها؟ وهل يُعزى التأخر والضعف والهوان الذي تعاني منه معظم دول العالم الثالث، بما في ذلك بعض الدول العربية، إلى الاستسلام للفساد، والتطبيع مع تنامي أعداد الفاسدين، وتصدرهم للمجالس، واستيلائهم على المناصب الرفيعة؟ وهل بمقدور هذه الأمة، في ظل هذه الظروف المتردية، أن تنتصر على خصومها وأن تتقدم ولو خطوة يسيرة نحو مستقبل أفضل؟
إن طرح سؤال مماثل على زوجة أحد زعماء العالم الثالث يعتبر ضربًا من الخيال، فالإعلام في هذه الدول يدرك تمام الإدراك أن هؤلاء الزوجات ينهلن من معين الثراء الفاحش دون حسيب أو رقيب، وأن مصير من يجرؤ على توجيه مثل هذا السؤال سيكون وخيمًا ومحسومًا سلفًا!
واتُهم إيهود أولمرت، وهو رئيس وزراء صهيوني آخر، باستغلال تبرعات سخية من أفراد ومؤسسات لتمويل حملته الانتخابية. المبلغ المُتَبَرَّع به – كما ورد في التقارير آنذاك – كان أقل من مليون دولار أمريكي. وهو مبلغ زهيد قد يتمكن أي مراقب عقاري طموح، يتمتع بضمير واسع، من جمعه بسهولة في إحدى دول العالم الثالث، دون أن يخشى أدنى محاسبة أو عقاب. وسرعان ما يتحول هذا المراقب، في غضون سنوات معدودة من عمله، إلى صاحب عمارات شاهقة وأعمال تجارية واسعة، على الرغم من أن راتبه الشهري الضئيل لا يكفي حتى لتغطية تكاليف استئجار شقة صغيرة ومتطلبات الحياة الأسرية. ومع ذلك، وجد أولمرت نفسه مُبعدًا عن السلطة بعد حملة شعواء انتقدت بشدة استخدامه للأموال المُتَبَرَّع بها لدعم طموحاته السياسية وحملته الانتخابية.
عندما يتأمل المرء هذه المساءلات الجدية التي يتعرض لها المسؤولون في الدول التي لا تتهاون مطلقًا في تطبيق القانون على الجميع، سواء كانوا كبارًا أو صغارًا، يتبادر إلى الذهن سؤال جوهري: هل كانت المحاسبة الصارمة للفاسدين، والقضاء على بؤر الفساد في مهدها، ومعاقبة المتورطين فيه مهما علت مراتبهم الإدارية أو السياسية، هي السر وراء ازدهار هذه الدول وتقدمها؟ وهل يُعزى التأخر والضعف والهوان الذي تعاني منه معظم دول العالم الثالث، بما في ذلك بعض الدول العربية، إلى الاستسلام للفساد، والتطبيع مع تنامي أعداد الفاسدين، وتصدرهم للمجالس، واستيلائهم على المناصب الرفيعة؟ وهل بمقدور هذه الأمة، في ظل هذه الظروف المتردية، أن تنتصر على خصومها وأن تتقدم ولو خطوة يسيرة نحو مستقبل أفضل؟